responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : السنة قبل التدوين المؤلف : الخطيب، محمد عجاج    الجزء : 1  صفحة : 492
وَقَدْ سَأَلَهُ هِشَامُ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنْ يُمْلِيَ عَلَى بَعْضِ وَلَدِهِ شَيْئًا مِنَ الحَدِيثِ، فَدَعَا بِكَاتِبٍ، وَأَمْلَى عَلَيْهِ أَرْبَعُمِائَةَ حَدِيثٍ، فَخَرَجَ الزُّهْرِيُّ مِنْ عِنْدِ هِشَامٍ، فَقَالَ: «أَيْنَ أَنْتُمْ يَا أَصْحَابَ الحَدِيثِ»، فَحَدَّثَهُمْ بِتِلْكَ الأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ لَقِيَ هِشَامًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَقَالَ الزُّهْرِيِّ إِنَّ ذَلِكَ الكِتَابَ قَدْ ضَاعَ قَالَ: «لاَ عَلَيْكَ»، فَدَعَا بِكَاتِبٍ، فَأَمْلاَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَابَلَ هِشَامٌ بِالكِتَابِ الأَوَّلِ، فَمَا غَادَرَ حَرْفًا وَاحِدًا [1].

قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ بْنُ أَنَسٍ: «حَدَّثَ الزُّهْرِيُّ بِمِائَةِ حَدِيثٍ، ثُمَّ الْتَفَتَ [إِلَيَّ] فَقَالَ: " كَمْ حَفِظتَ يَا مَالِكُ؟ " قُلْتُ: " أَرْبَعِيْنَ حَدِيثًا "، قال: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِه، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّا للهِ كَيْفَ نَقصَ الحِفْظُ "!!».

وكان كثيرًا ما يذاكر نفسه الحديث، قال الليث بن سعد: «جَلَسَ الزُّهْرِيُّ ذَاتَ لَيْلَةٍ يُذَاكِرُ نَفْسَهُ الحَدِيثَ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ مَجْلِسُهُ حَتَّى أَصْبَحَ».

وَكَانَ أَحْيَانًا يَبْتَغِي العِلْمَ مِنْ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ، فَيَأْتِي جَارِيَةً لَهُ نَائِمَةً فَيُوقِظُهَا فَيَقُولُ لَهَا «حَدَّثَنِي فُلاَنٌ بِكَذَا، وَفُلاَنٌ بِكَذَا»، فَتَقُولُ لَهُ: «مَا لِي وَلِهَذَا؟» فَيَقُولُ: «قَدْ عَلِمتُ أَنَّكِ لاَ تَنْتَفِعِينَ بِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ الآنَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَذكِرَهُ» (*).

[4]- عِلْمُهُ وَآثَارُهُ:
-------------------

اشتهر الزهري بغزارة علمه، وطار صيته في الآفاق، وأصبح محط أنظار أهل الشام والحجاز، قال الإمام مالك: «كَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا دَخَلَ المَدِينَةَ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ العُلَمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا، وَأَدْرَكْتُ مَشَايِخَ أَبْنَاءَ سَبْعِينَ وَثَمَانِينَ لاَ يُؤَخَذُ عَنْهُمْ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ دُونَهُمْ فِي السِنِّ فَيُزْدَحَمُ عَلَيْهِ». وكان يقول: «بَقِيَ ابْنُ شِهَابٍ، وَمَا لَهُ فِي الدُّنْيَا نَظِيرٌ» [2].

(1) " المحدث الفاصل "، نسخة دمشق: ص 9: آجـ 4.
(2) " تقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل ": ص 20.
----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) انظر ص 161 من هذا الكتاب.
اسم الکتاب : السنة قبل التدوين المؤلف : الخطيب، محمد عجاج    الجزء : 1  صفحة : 492
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست